منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - هل هي بداية لمحاكمة أردوغان .
عرض مشاركة واحدة
قديم 2012-07-22, 17:21   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
الزمزوم
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية الزمزوم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما الذي فهمه أردوغان أثناء لقائه مع بوتين؟

خرج الرجلان من اجتماعهما متجهمين وعازفين عن الكلام. سمحا بتوجيه سؤالين فقط؛ سؤال من صحافي تركي وآخر من صحافي روسي. فسأل مندوب صحيفة "كوميرسانت" الروسية "أردوغان" عن أهم نقطة خلافية بين البلدين، وهي الأزمة السورية: "الشعب السوري يعين قدره ونحن نؤكد على نتائج مؤتمر جنيف" أجاب باقتضاب، وانسحب عائداً إلى بلده.
لم يكن المشهد معتاداً في الصحافة التركية، وخاصة الموالية منها، فقد كان من عادتها إحاطة كل زيارة لأردوغان بهالة من التضخيم والتهليل، فتلتقط جمله بطريقة حاذقة وتصنع منها انتصارات جاهزة للتسويق. وعلى سبيل المثال كان عنوان موقع "نت هابير" الإخباري في القمة السابقة التي جمعت بين الرجلين هو: "انذار أخير إلى بوتين لوقف دعم نظام الأسد"، وكانت المحطات الإخبارية تنشغل بتحليل "الأهمية القصوى التي منحتها الصحافة العالمية لكلمات السيد رئيس الوزراء". لكن هذه المرة لم يحدث شيء من هذا. حاول بعضها الاستمرار في هذه السيرة، فتلقف كلمات "الشعب السوري يعين قدره" ليصل إلى نتيجة أن روسيا تخلت عن دعمها للرئيس بشار الأسد، وأنها تقبلت فكرة رحيله. لكن روسيا كذبت الخبر بقولها أنه لم يتم تداول مسألة بقائه أو رحيله. سكت الصحافيون الأتراك مرة أخرى.. ما الذي جرى إذاً؟
لقد شهد فصل الشتاء الماضي ارتفاعاً وانخفاضاً في مستوى تهديد ووعيد "أردوغان" ضد سورية انسجاماً مع ارتفاع وانخفاض مستوى درجة الحرارة، وكلما اشتد البرد كانت تصريحاته تصاب بالبرد بدورها. والسبب الطبيعي لذلك هو ايرادات الغاز الطبيعي من روسيا بشكل أساسي ومن إيران بالدرجة الثانية. ومع انقضاء فصل الشتاء لوحظ أكثر من مرة تركيز الأتراك على حل اشكالات الاتفاقات التجارية المتعلقة بالغاز الروسي للموسم القادم من الآن. وهو ما أعلنوه أكثر مرة عن التوصل أو قرب التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن. ومن جهة أخرى فقد أعلنت صحيفة كوميرسانت أن شركة الطاقة الروسية "إنتر راو"، وهي إحدى الشركات العملاقة التي أعاد بوتين تأميمها، تبحث امكانية إقامة محطات حرارية في تركيا.
ليس معنى ذلك أنهما تحدثا في مسألة الطاقة والغاز فحسب، ولكن مسألة سورية لا تنفصل عن الطاقة والغاز. وقد كشف صحافي تركي عن تداول أروقة الدبلوماسية لتهديد روسي لتركيا بمنع الشاحنات التركية من المرور ضمن أراضيها، وذلك مثلما فعلت سورية. ولو أنني لا أرجح أن تكون روسيا بهذا الوارد، حالياً على الأقل. ولا يعني ذلك أيضاً أن مسألتي الغاز والنقل البري ستؤديان بتركيا إلى التخلي بسهولة عن أجندتها باسقاط الرئيس بشار الأسد.
يمكن ببساطة الاقتباس من طبيعة شخصية "أردوغان" التي ترد بعدائية وتعلي السقف عالياً جداً إذا رأت في نفسها أرجحية على غيرها، وإذا لم ترى هذه الأرجحية عمدت إلى سياسة التجنب. وكذلك من المعروف عنه أنه لا يتخلى عن فريقه فوراً، فعندما تشتد الانتقادات على أحد وزرائه مثلاً فهو يدافع عنه بداية وبعد مرور فترة من الزمن، عندما يبرد الموضوع يقوم باستبدال هذا الوزير حينما لا يكون هو محور الحديث. وإذا دققنا في حركة العوامل الداخلية في حزب العدالة والتنمية الحاكم، سنرى حراكاً مدهشاً: ضم رئيس حزب صوت الشعب "نومان كورتولموش" إلى حزب العدالة، وكلاهما إسلاميان، لكن "كورتولموش" معادٍ (حتى الآن!) للحملة ضد سورية؛ إعادة النظر في قرار إقالة وزير الخارجية السابق "علي باباجان" من مناصبه الحكومية والحزبية، وهو أحد أكبر المناهضين ضمن الحزب للسياسة الأردوغانية اتجاه الأزمة السورية؛ الانتقادات الشديدة ضد وزير الخارجية "أحمد داوود أوغلو"، وجزء كبير منها هو من داخل التيار الإسلامي نفسه؛ إضافة إلى فتح باب نقاش مستقبل الأعضاء الذين قضوا ثلاث دورات، والنظام الداخلي للحزب يمنع ترشحهم لدورة أخرى. هذه التغيرات الضمنية تنبأ بأن حزب العدالة والتنمية الحاكم يمر في طور تغيير خياراته السياسية الأساسية تزامناً مع قرب الاستحقاق الرئاسي عام 2014.
يمكن القول أن "أردوغان" ذهب إلى روسيا يمهد لتغيير شيء من توجهاته، أو لبدء هذا التغيير، والذي لا نعتقد أن شخصية "أردوغان" ستجعله فجائياً، إذ من المرجح أن يكون متسلسلاً بحيث لا يبدو أنه جاء نتيجة لضغوط معينة.
ولكن ذلك لا يستطيع تفسير هذا التجهم والعزوف! حسناً، لقد فهم "أردوغان"، عشية جلسة مجلس الأمن، أن العشرات الذين يقتلون يومياً من ميليشيات الجيش الحر لهم ثمن سياسي ينبغي دفعه!

السبت 21 يوليو 2012









رد مع اقتباس