إن منهج أهل السنة تميزعن الفرق الأخرى بخصائص ،فكان من ثمرتها على أهل السنة سلوك مسلك الوسطية ، فمن هذه الخصائص : 1ـ سلامة مصدر التلقِّي : للكِتاب والسنة والإجماع ،قال شيخ الإسلام "ويزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنة وظاهرة مما له تعلّق بالدين " ا هـ مجموع الفتاوى (3/157). وقال شيخ الإسلام :"وكذلك في سائر أبواب السنة هم وسط ؛لأنهم متمسكون بكتاب الله ،وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان " ا هـ (3/375)المجموع . وقال في وصْف الفرق المخالفة للسنة :"وشعار هذه الفرق مفارقة الكتاب والسنة والإجماع ،فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة " ا هـ (3/245) من" مجموع الفتاوى" . 2ـ التسليم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، كما قال الطحاوي :" ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام " وذلك لأن العقول لاتدرك الغيب ، ولا تستقل بمعرفة الشرائع على سبيل التفصيل ؛لعجزها وقصورها ،أما الآخرون فيحكِّمون آراءهم وعقولهم وأهواءهم على النصوص ، ومنشأ فساد الأمم والأديان إنما هو تقديم العقل على النقل ، والرأي على الوحي ، والهوى على الهدى . 3ـ موافقة منهجهم للفطرة السليمة ،فالنقل الصحيح لا يعارض العقل الصريح ، وأماغيره من منهاج فهو مجموع أوهام وتخرُّصات ، تُعمي الفطر,وتُبلِّد العقول . 4ـ اتصال سند هذا المنهج بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، والصحابة و التابعين، وأئمة الدين ، فالخلف أتباع للسلف ، والعبرة بالأمر العتيق ، ومالم يكن بالأمس ديناً ، فليس اليوم بدين . 5ـ الوضوح والسهولة والبيان قال تعالى ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مُدَّكِر ) فلا تعقيد في هذا المنهج ولا غموض ،ولا التواء ، انظر قوله تعالى : (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) وقوله تعالى : (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ) وقوله تعالى أفمن يخلق كمن لايخلق ) وقوله تعالى: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم ، قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً فإذا أنتم منه توقدون ، أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون). 6ـ السلامة من الاضطراب والتناقض واللبس كما قال الله عز و جل : (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)أما العقائد الأخرى فلا تَسَلْ عما فيها من الاضطراب والتناقض واللبس : فالرافضة يقولون : "إن الأئمة يعلمون ما كان وما يكون ، ولا يخفى عليهم الشيء، ويعلمون متى يموتون ،ولا يموتون إلا بإذنهم " ومع ذلك ينقلون عنهم أنهم أخذوا بالتقية ، وأن إمامهم الثاني عشر في الشعب مختفٍ حتى الآن من أعدائه !! فإذا كان لا يموت إلا بإذنه ، فلماذا يختفي ؟! ويدّعون أن أئمتهم لهم هيمنة على جميع ذرات الكون، فماذا أبقوا لله عز و جل ؟ ثم لماذا تسلط عليهم غيرهم ، وأخذوا الملك منهم ؟! وأكثر دين الرافضة قائم على الجهالات والتناقضات ، وحدِّث ولا حرج عما عند غلاة الصوفية من تناقضات قبيحة، حتى بلغ ببعضهم القول بالحلول والاتحاد. وكذا الجهمية الذين يعبدون عدما ،والمرجئة الذين جعلوا إيمان أفسق الناس كإيمان الملائكة والرسل!!وكذا القدرية الذين نفوا القدر، ومقابلهم الذين احتجوا بالقدر على المعايب والذنوب . وإذا نظرت إلى تناقضات اليهود والنصارى فبحر لاساحل له. والشيوعية أنكروا الله عز وجل وجميع الأديان ، ولما سُلِّط عليهم هتلر أمر "استالين " بفتح المعابد والتضرع إلى الله تعالى ، فالقوم متناقضون غير ثابتين على كلامهم، قال تعالى: ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم). ولذا فعقيدة أهل السنة قد تأتي بالمُحَار لا بالمُحَال والتناقض: كما في عذاب القبر ونعيمه والمغيبات ، فهي أشياء تحار في كيفيتها العقول، ولذا أمرنا بالتسليم ،وليست هذه الأمور محالة عند العقل الصحيح الصافي من الشهوات والشبهات ، أما اليهود فيزعمون أنهم شعب الله المختار، وأن الله خَلَق الشعوب الأخرى حميراً يمتطيها اليهود ،فكيف ينسبون إلى أحكم الحاكمين التحيز لشعب دون بقية الشعوب ؟! والنصارى يقولون باسم الأب والابن وروح القدس إله واحد ـ فكيف يكون الثلاثة واحداً؟! وصدق من قال: