منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - اشْكَالاتُ الدَّلالَةِ النَّقْدِيَّةِ لِمصطلح القصيدة الطويلة في شعر التفعيلة المعاصر
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-11-05, 20:23   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الصقر الأسود ...
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية الصقر الأسود ...
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ومما يستوقفنا في العرض السابق ذلك الإلحاح على البناء الدرامي في القصيدة الطويلة، والنفور من النموذج الغنائي –و إن كان طويلا- حتى تكاد تكون القصيدة الطويلة عند كثير منهم هي القصيدة الدرامية ،ولعل ذلك يعود إلى " أنهم كانوا يبحثون عن البنية الفنية العليا للقصيدة الطويلة،البنية الدرامية التي هي وسيلة الشعر للبعد عن الغنائية،ولأنهم وجدوا أن النماذج المتميزة من القصيدة الطويلة ذات بنية درامية " (1)،لكن الخطير في الأمر هو ذلك التشدد للبناء الدرامي الذي ذهب معه بعض النقاد إلى أن " أية قصيدة تقع خارج هذا المفهوم هي مطولة،وليست قصيدة طويلة لسبب بسيط،هو افتقارها إلى البنية الدرامية التي أصبحت عاملا حاسما في تحديد هوية(القصيدة الطويلة) ، وفرزها عن نسختها المشوهة (القصيدة المطولة)" (2)،لكن نرفض هذا الرأي ونرى أنه ينبغي"ألا يتبادر للذهن بأن أي قصيدة طويلة هي درامية بالضرورة، فليس الطول وحدة ميزة للعطاء الدرامي" (3)،ولا يعني هذا أن القصيدة الطويلة "واحدة من أهم إنجازات الحداثة الشعرية العربية على مستوى البناء الفني للقصيدة في شكلها الجديد" (4)، دون أن ننتقص من قيمة البناء الدرامي و أثره في القصيدة المعاصرة، أو أهمية الغنائية حتى في القصيدة المعاصرة.
وبدا من الحديث السابق عن القصيدة الطويلة أن ضدها هو القصيدة القصيرة ،و أن القصيدة القصيرة هي القصيدة الغنائية ، ونرى أنها تُعد منجزا مهما، لا يقل شانا عن القصيدة الطويلة ، و لا نبالغ إن قلنا إن كثيرا من الشعراء الرواد والجيل الذي تلاهم قد أبدع هذا النوع من القصائد أكثر من القصيدة الطويلة، و قد بين عز الدين إسماعيل أن القصيدة القصيرة ما تزال " تشغل حيزا لا بأس به في دواوينهم-الشعراء الرواد- وما زال شعراء الجيل الطالع يكتبونها " (5).
و قد اهتم كثير من النقاد بالقصيدة القصيرة المعاصرة، فأشار غالي شكري إلى أن " إحدى ضربات الشعر الحديث القصيدة القصيرة المركزة الغنية بالإيماء والرمز والتدفق " (6)، وجرى أساس التفريق بينها والقصيدة الطويلة لدى كثير من النقاد على أساس الجوهر والمضمون،لا على أساس الطول أو الشكل الخارجي،ومع ذلك فقد كان الغالب"على القصيدة القصيرة صفة الذاتية والغنائية " (7)، وهذا رأي هربرت ريد الذي سبق بيانه ، و بقيت العاطفة البسيطة التي تعبر عن موقف شعوري موحد ، والذاتية المفرطة أكثر السمات الفنية المرتبطة بها والمميزة لها ، إلى جانب سمات معاصرة أخرى أبرزها التركيز و الكثافة ، والاستجابة السريعة من الشاعر ، و الخلو من البناء الدرامي الذي تمتاز به القصيدة الطويلة، وإن كنا نجد من يرى " أن البناء الدرامي ليس حكرا على القصيدة الطويلة ، بل بات من الممكن الإمساك بعناصره في القصيدة القصيرة نسبيا ، ما دام العرض الفني فيها متميزا بتصاعد وتيرة التأزم العاطفي والفكري " (8).

(1)حجازي،المصدر السابق ، ص 25.

(2)القصيري ، فيصل : بنية القصيدة في شعر عز الدين المناصرة،ط1،عمان ،دار مجدلاوي للنشر،2006، ،ص 40.

(3)أطميش،محسن : دير الملاك:دراسة فنية في الظواهر الفنية في الشعر العراقي المعاصر، بغداد ،منشورات
وزارة الثقافة و الإعلام،1977، ، ص 75 .

(4) القصيري ، المصدر السابق ، ص35.

(5)إسماعيل ، المصدر السابق ، ص 242.

(6)غالي شكري ، المصدر السابق ، ص 96.

(7)أطميش ، المصدر السابق ، ص15.

(8)بغدادي، شوقي ، تحولات في بنية القصيدة العربية ، مجلة الموقف الأدبي ، (ع3) سنة 1999،دمشق ،اتحاد الكتاب
العرب، ص 56.









رد مع اقتباس