منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - الوعي اللغوي
الموضوع: الوعي اللغوي
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-09-06, 13:57   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
leprence30
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي الأدب الإسلامي بين النص والشخص

الأدب الإسلامي بين النص والشخص

يُثِير بعض المُعتَرِضين على الأدب الإسلامي تهمةً كَثُر تَردادها، وهي أن تصنيفَ الأدب إلى إسلامي وغير إسلامي، فيه شبهة تكفير لصاحب نصٍّ غير إسلامي، وهذا كلام غير صحيح على الإطلاق، والرَّدُّ عليه من وجوه عدة:
1- أن ما يصدر عن الأُدَباء من كلامٍ، شأنه شأن الكلام الذي يصدر عن الناس العاديين، فيه الحق والباطل، وفيه الصدق والكذب، وفيه ما يتَّفق مع الإسلام وما يخالفه، وإذا قلنا لمتكلمٍ ما - أديبًا كان أم متكلمًا عاديًّا -: إنك قد نطقت فسقًا، أو قلت باطلاً، أو أن كلامَك هذا حرامٌ، أو غير جائز شرعًا؛ فإن هذا لا يعني أننا كفَّرناه، أو أننا أخرجناه من المِلَّة، ولو كان الأمر كذلك، فإن كثيرين قد يخرجون من المِلَّة في كلِّ ساعةٍ ويوم؛ إذ ما زال - ولن يزال - قومٌ من المسلمين ينطقون الهُجْر، أو يكذبون، أو يغتابون، أو يبذؤون، أو يفحشون، أو يسبُّون ويَلْعَنون، أو غير ذلك من ضروب الكلام المنهي عنها شرعًا، ولا يقول أحدٌ عن هؤلاء: إنهم كَفَرة، بل هي ذنوبٌ وآثامٌ يرتكبونها، تختلف درجتها وتسميتها بحسب نوعها، وتكفِّرها التوبةُ والاستغفار.

2- إن الأدب الإسلامي والنقد الإسلامي لا يتعرضان للشخص، ولكنهما يتناولانِ النصَّ، وإن الحكم النقدي ليس على القائل، بل على المَقُول، على الكلام لا على المتكلِّم.

3- وإن تصنيف الكلام إلى حق وباطل، وإلى صدق وكذب، وإلى إيمان وكفر، وإلى حسن وقبيح - هو من صُلبِ العقيدة الإسلامية، لا يفترق في هذا التصنيف كلامٌ أدبي عن كلام عادي.

روى البخاري في الأدب المفرد قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الشعر بمنزلة الكلام، حسنُهُ كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام)).

وقد صدرت أحيانًا عن بعض شعراء النبي - صلى الله عليه وسلم - تجاوزات في بعض التعبيرات، فصحَّح النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم ما قالوه، ودلَّهم على وجه الصواب الذي يتفق مع الدين.

4- ينبغي أن نفرق بين قولنا: أديبٌ "مسلم"، وأديبٌ "إسلامي"، فالأديب الإسلامي هو مَن اتَّخذ من الإسلام وتصوُّراته مصدرًا لجميع ما يكتبه من النصوص، وكان أدبه تعبيرًا عنها.

وأما الثاني، فقد يكون مسلمًا، ولكن يقع في كلامه من هُجر القول، وخبث العبارات، ما لم يبلغ به حد الكفر المُخرِج من الملة.

إن جميع مَن نطق بالشهادتين من أديبٍ أو غيره، فهو مسلم، ولكنَّ هنالك مسلمًا ملتزمًا لا يَصدُر فيما يقول أو يعمل إلا عن التصوُّر الإسلامي وحدَه، لا يَحيدُ عن جادَّته أو يزيغ، وهنالك مسلم هو - مع إسلامه - تأخذه بدعة من هنا، وهوًى من هناك، وهو لا يضربُ ما يأخذ أو يدع على محك العقيدة؛ ليعلم أحقٌّ هو أم باطل؟ أصدقٌ هو أم كذب؟

إن دائرة الأدب الإسلامي تتسع لكلِّ أديبٍ مسلم، بل إن ما يتفق مع التصور الإسلامي الصادر عن أديبٍ غير مسلم، يُحتَفى به، ويطلق عليه نقَّاد الأدب الإسلامي مصطلح "الأدب الموافق".

وإذًا، فلا مكان للقول: إن تقسيم الأدب إلى إسلامي وغير إسلامي، يحمل شبهة تكفير أحدٍ؛ فالكلام منذ أن وُجِد، فيه الحق والباطل، والصدق والكذب، والطيب والخبيث، ومن الشعراء مؤمنون، ومَن يتَّبِعهم الغاوون بتقسيم القرآن الكريم.











رد مع اقتباس