منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب - عرض مشاركة واحدة - إجابات نموذجية لأسئلة مجستار سابقة
عرض مشاركة واحدة
قديم 2013-06-20, 17:49   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
hadia369
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية hadia369
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يتبع
الفصل الثاني : أثر التعديلات الجديدة على التصرفات الواردة على المحل التجاري

إن المحل التجاري في التشريع الجزائري له قيمة خاصة تجعله يحتل مكانا معتبرا في الذمة المالية للتاجر فهو يكون وحدة قائمة بذاتها يجوز لصاحبه التصرف فيه ، فهو قابل للإنتقال عن طريق الإرث وللإحالة بين الأحياء سواء بصفة مجانية مثل الهبة أو بمقابل مثل البيع ، كما أنه يكون ضمانا للديون المؤجلة في ذمة التاجر وذلك عن طريق رهنه رهنا حيازيا.

غير أن المشرع الجزائري سلك مسلك المشرع الفرنسي ونظم بعض التصرفات التي ترد على المحل التجاري وأهمها بيع المحل التجاري ورهنه وكذا تقديمه كإسهام في شركة وإجارة التسيير وجعلها تخضع لأحكام خاصة نظرا لطبيعة المحل التجاري الذي يعتبر مالا منقولا معنويا ، أما باقي التصرفات الأخرى فقد تركها المشرع خاضعة للقواعد العامة في القانون المدني .

و المشرع الجزائري على خلاف المشرع المصري في الفقرة الرابعة (04) من المادة 03 ق ت إعتبر جميع العمليات المتعلقة بالمحل التجاري أعمال تجارية بحسب الشكل [6].

وستنصب دراستنا الحالية حول التصرفات الواردة على المحل التجاري والمنظمة بقواعد خاصة في القانون التجاري وهي التصرفات الناقلة للملكية كالبيع وتقديم المحل التجاري كإسهام في شركة وهو موضوع المبحث الأول الذي سنتطرق من خلاله إلى أثر التعديلات الجديدة لحق الإيجار على هذه التصرفات الناقلة للملكية وفي مبحث ثاني سنتطرق إلى أثر التعديلات على رهن المحل التجاري .

بينما إيجار التسيير فإنه من خلال بحثنا هذا توصلنا إلى أنه لا تتأثر أحكامه ولا محتوى العقد الخاص به بالتعديلات الجديدة ، لأن عقد التسيير الحر يربط علاقة قانونية بين مالك المحل التجاري والمؤجر المسير وليس هناك علاقة بين التاجر المسير والمؤجر صاحب العقار إطلاقا .



المبحث الأول: أثر التعديلات الجديدة على التصرفات الناقلة للملكية:



المطلب الأول: أثر التعديلات الجديدة على بيع المحل التجاري:

تعتبر عملية بيع المحل التجاري الأكثر إنتشارا في الحياة العملية لأن أي شخص يرغب في ممارسة التجارة يفضل أن يشتري محلا تجاريا موجودا له زبائن متعاملين معه على أن يبدأ نشاطه في محل جديد ليس له زبائن .

ويخضع بيع المحل التجاري في شروطه العامة من أهلية و رضا و محل و سبب للقواعد القانونية العامة المتعلقة بعقد البيع في القانون المدني المنصوص عليها في المواد 351 وما بعدها منه وذلك بالنسبة إلى الشروط العامة .

غير أن المشرع أتى في القانون التجاري وخاصة في المواد 79 وما يليها بأحكام إستثنائية مهمة تسري على بيع المحل التجاري وذلك من أجل تحقيق أهداف ثلاث (03) :

ـ حماية المشتري من غش البائع سيء النية .

ـ حماية البائع في حالة إعسار المشتري وذلك بمنحه ضمانات كافية لإستيفاء الثمن عند تأجيله (إمتياز بائع)

ـ حماية دائني البائع ضد مدينهم عندما يحاول إخفاء بيع المحل التجاري .

وأعطى لصاحب المحل التجاري إدراج عنصر الحق في الإيجار ضمن العناصر المبيعة دون طلب موافقة المؤجر صاحب العقار وذلك طبقا للمادة 200 ق ت وهي قاعدة آمرة تجعل من كل شرط أو بند مخالف لها في عقد الإيجار لاغيا وعديم الأثر وهذا ما يجعل دراستنا الحالية تنصب على الأحكام الخاصة التي قد تتأثر بالتعديلات الجديدة من حيث العناصر التالية :

1 ـ من حيث تحديد العناصر المبيعة في عقد البيع

2 ـ من حيث البيانات الواردة في عقد البيع

3 ـ من حيث إلتزام البائع بالتسليم

4 ـ من حيث ضمان البائع العيوب الخفية

5 ـ من حيث ضمان البائع عدم التعرض وعدم المنافسة



الفرع الأول : أثر التعديلات الجديدة على عقد البيع من حيث تحديد العناصر المبيعة

لقد سبق القول بأن المحل التجاري يعتبر مجموعة من العناصر المادية والمعنوية التي يختلف وجودها وأهميتها حسب النشاط الذي يزاوله التاجر مستأجر العقار الذي يستغل فيه المحل التجاري وهي الحالة التي ستنصب عليه دراستنا .

وقد أجاز المشرع للتاجر أن يتصرف في المحل التجاري بأكمله أو أن يقتصر تصرفه على بعض العناصر، غير أن التصرف في عنصر الإتصال بالعملاء يعد تصرفا في المحل التجاري كاملا لأنه أهم عنصر يقوم عليه المحل التجاري كما سبق بيانه .

ومن أجل تحديد العناصر المبيعة ينبغي على القاضي الرجوع إلى عقد البيع الرسمي وتحديد ما إذا كان البيع ينصب على المحل التجاري بكامله أو على أحد العناصر فقط .

I ـ حالة بيع المحل التجاري كاملا مع تحديد العناصر المبيعة في العقد :

في هذه الحالة يجب أن يشمل البيع عنصر الإتصال بالعملاء الذي هو ركيزة المحل التجاري بالإظافة إلى عنصر السند الذي سبق بيانه لأن عنصر الإتصال بالعملاء لا يقوم ولا يشكل لوحده محلا تجاريا إلا إذا إقترن بعنصر السند الذي كما رأيناه سابقا إما أن يكون الاسم التجاري بالنسبة للجرائد وإما أن يكون الحق في الإيجار نظرا لموقع المحل التجاري بالنسبة لتجارات التجزئة والفنادق والمطاعم والمقاهي و التجارات الواقعة في الساحات الآهلة بالنشاط والمطارات والموانئ والطرق ففي هذه الحالة الأخيرة رأينا بأن التعديلات الجديدة لها تأثير مباشر على عنصر حق الإيجار الذي هو السند المقام عليه عنصر الإتصال بالزبائن وهو المشكل للمحل التجاري ككل .

فإنعدام عنصر السند يؤدي إلى نقصان كبير في القيمة المالية لعنصر الإتصال بالزبائن إن لم يؤدي إلى انعدامه كلية وبالتالي تلاشي المحل التجاري الذي هو محل عقد بيع .

فإذا أثار المشتري أمام القاضي بأنه وقع في غلط في تحديد مدة الإيجار، أو وجود حق الإيجار أصلا ، أو أنه كان محل غش من البائع بأن أخفى عليه عقد الإيجار ونهايته المبرم في ظل القانون 05-02 ، أو أوهمه بأن عقد الإيجار مبرم قبل سريان القانون 05-02 وأنه يتمتع بحق الإيجار ، ثم وجد عكس ذلك فإن القاضي ملزم بأن يبحث عن مدى تأثير حق الإيجار على عنصر الإتصال بالزبائن وبالتالي على المحل التجاري ككل ، وخاصة إذا تم البيع عند نهاية عقد الإيجار وألزم المشتري بإخلاء المحل التجاري المبيع الأمر الذي يجعله يفقد عنصر السند الذي يقوم عليه عنصر الإتصال بالزبائن و هنا يكون محل العقد قد انعدم أو تعرض إلى نقص فادح لو علمه المشتري لما أبرم عقد البيع .

فهنا يعمل القاضي أحكام المواد 81 إلى غاية 85 من القانون المدني في حالة غلط المشتري أو المواد 86-87 من ق م في حالة تدليس البائع ويقضي إما بالتعويض على البائع أو بإبطال العقد مقدر في ذلك مدى أهمية حق الإيجار بالنسبة إلى عنصر الإتصال بالزبائن أو مدى النقص الذي أحدثه فقد هذا العنصر على المحل التجاري مراعيا في ذلك حسن نية التاجر البائع .



Ii ـ حالة بيع المحل التجاري كاملا مع عدم تحديد العناصر المبيعة في عقد بيع : في هذه الحالة و إستنادا إلى المادة 96 من القانون التجاري التي تنص على إمتياز البائع فإن القاضي يعتمد عليها في تفسير نية أطراف العقد بأنه ينصب على العناصر المذكورة في الفقرة 02 من المادة السابقة والتي يقع عليها إمتياز البائع وبالتالي تصبح العناصر المبيعة هي عنوان المحل التجاري واسمه والحق في الإيجار والعملاء والشهرة التجارية .

بالنسبة لمحل تجاري أبرم عقد إيجاره في ظل القانون 05-02 فإن الحق في الإيجار قد ألغى بموجب هذا القانون وبالتالي يستثنى هذا العنصر من العناصر المبيعة في عقد البيع .

ويطرح نفس الإشكال إذا أخفى البائع على المشتري إنعدام عنصر حق الإيجار في محله التجاري أو وقع المشتري في غلط بأن تصور وجود هذا الحق في المحل المبيع ، بالإضافة الى مدى ثأثير موقع العقار على العناصر المعنوية الأخرى كما سبق بيانه.

فلو ثار إشكال بين الطرفين حول ذلك فإن القاضي يراعي مدى توافر ذلك التدليس أو الغلط في عنصر الحق في الإيجار ومدى تأثير هذا العنصر على باقي العناصر خاصة عنصري الإتصال بالزبائن والشهرة التجارية ليقدر مدى جسامة الخسارة التي لحقت المشتري وبالتالي إما أن يقضي بالتعويض أو بإبطال العقد إذا بلغت الخسارة حدا من الجسامة لو علمه المشتري لما أتم العقد .



الفرع الثاني : أثر التعديلات الجديدة على عقد البيع من حيث البيانات الواردة في عقد البيع :

إن المشرع الجزائري أراد حماية مشتري المحل التجاري ضد غش البائع الذي يحاول رفع ثمن المحل التجاري المبيع و ذلك بتضخيم الأرباح المحققة في السنوات السابقة أو يحاول إخفاء الأعباء التي ترهق المحل التجاري أو إخفاء شروط الإيجار لينال محله ثمنا مرتفعا يوم بيعه لهذا نص في المادة 79 الفقرة الثانية ق ت على أنه يجب أن يتضمن العقد المثبت للتنازل ( البيع ) البيانات التالية :

1 ـ اسم البائع السابق وتاريخ سنده الخاص بالشراء ونوعه وقيمة الشراء بالنسبة لعناصر المعنوية والبضائع والمعدات

2 ـ قائمة الإمتيازات و الرهون المترتبة على المحل التجاري

3 ـ رقم الأعمال التي حققها في كل سنة من سنوات الإستغلال الثلاث ( 03 ) الأخيرة أو من تاريخ شرائه إذا لم يقم بالإستغلال منذ أكثر من 03 سنوات .

4 ـ الأرباح التي حصل عليها في نفس المدة .

5 ـ وعند الإقتضاء الإيجار وتاريخه ومدته واسم وعنوان المؤجر والمحيل .

ويمكن أن يترتب على إهمال ذكر البيانات المقررة آنفا بطلان عقد البيع بطلب من المشتري إذا كان طلبه واقعا خلال السنة .

ويهدف المشرع من وراء إلزام البائع بذكر كافة هذه البيانات إلى حماية المشتري وتدعيم الثقة في عالم التجارة .

وهذه البيانات الإجبارية والجوهرية فقد تم تعدادها في النص السابق على سبيل الحصر [1] واعتبر المشرع أن كتمان البائع لها يعتبر تدليسا ، غير أنه يفهم من الفقرة الخامسة من المادة السابقة وخاصة عبارة عند الإقتضاء التي لا تعني أن بيانات الإيجار هي ثانوية بل هي إجبارية وتزداد أهميتها بعد سريان القانون 05-02 الذي ألغى حق الإيجار ومدى أهمية هذه البيانات لتحديد تاريخ عقد الإيجار هل هو قبل سريان القانون 05-02 أم بعده و لكي يعلم المشتري العناصر التي سينصب عليها عقد البيع .

وقد كرست المحكمة العليا أهمية البيانات المتعلقة بالإيجار في قرارها رقم 139417 المؤرخ في 27/02/1996 م قض 1996 عدد 02 ص 111 ، والذي جاء في حيثياته " حيث أن بيع المحل التجاري الذي تم خلال سير الدعوى المؤسسة على رفض تجديد الإيجار لا يحتج به في مواجهة المالكين لأنه لم ينعقد إلا بعد إثبات صحة التنبيه بالإخلاء الذي بلغ إليه فإن المقابل الوحيد الذي يتلقاه عن ذلك هو التعويض طبقا لمقتضيات المادة 176 ق ت وأن المستأجر بفعله هذا خالف القانون وهو المسؤول عنه إيزاء المشتري طبقا لمقتضيات المادتين 79/05 و 80 من القانون التجاري [2].

رغم أن هذا القرار كرس مدى أهمية البيانات المتعلقة بالإيجار في عقد البيع إلا أن ما يؤخذ عليه أنه قضى بأن البائع ليس باستطاعته التصرف في المحل التجاري بعد إثبات صحة التنبيه بالإخلاء والأصح أن البائع ليس باستطاعته إدراج عنصر الحق في الإيجار في عقد البيع بعد تبليغه بالتنبيه بالإخلاء .

وما يصدق على ما سبق فإنه يصدق أيضا على عقود الإيجار المبرمة في ظل القانون 05-02 لأنه ألغى حق الإيجار .



الفرع الثالث : أثر التعديلات الجديدة على عقد البيع من حيث إلتزام البائع بالتسليم تقتضي القواعد العامة في القانون المدني وخاصة المادة 367 ق م ج أن البائع يلتزم بتسليم المحل التجاري وذلك بوضعه تحت تصرف المشتري بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به وذلك في الحالة التي كان عليها وقت البيع .

غير أن المحل التجاري هو مال معنوي لهذا السبب ليس من الضروري أن يضع المشتري يده على المحل ليحتج بحقه عليه في مواجهة الغير ، ويتم هذا التسليم بتمكين المشتري من عنصرين أساسيين ألا وهما الإتصال بالعملاء والشهرة التجارية إضافة إلى العناصر الأخرى الموجودة أثناء التعاقد والمذكورة في العقد .

ويتم تسليم العناصر المعنوية الإستثنائية بالتسجيل مثل حقوق الملكية الصناعية والأدبية ، وبالتسليم المادي للبضائع ، أما بالنسبة للحق في الإيجار فيتم بإخطار المؤجر مالك العقار ببيع المحل التجاري وإنتقال حقوق البائع المستأجر إلى المشتري .

أما بالنسبة لعنصر الشهرة التجارية والإتصال بالزبائن فيكون التسليم بأن يتنازل البائع للمشتري على إحتمال حفظ هؤلاء الزبائن ، وذلك بتسليمه كافة المستندات والمعلومات التي تمكن المشتري من الاتصال بالزبائن والاحتفاظ بهم لمواصلة العلاقة السابقة .

وفي حالة ما إذا كان عقد الإيجار مبرم في ظل القانون 05-02 و إنتهى أجله عند تسليم المحل التجاري المبيع فإن إحتمال حفظ المشتري لعنصر الزبائن يتناقص كثيرا خاصة إذا كان موقع المحل له تأثير في جلب الزبائن مما يجعل المشتري يواجه خطر فقدان عنصر الزبائن الذي هو أهم عنصر في المحل التجاري ، لأنه ليس في استطاعته إجبار المؤجر على أن يمدد له في عقد الإيجار لكي يستطيع الإتصال بالزبائن وربط علاقات معهم ويعلمهم بنقل المحل التجاري .

هذا قد يحدث كثيرا في البيوع القضائية والبيوع بالتنفيذ الجبري حيث إذا انتهى عقد الإيجار المبرم في ظل القانون 05-02 فلا يجد المشتري طريقة لنقل العناصر المعنوية للمحل التجاري خاصة عنصر العملاء والشهرة التجارية مما يجعل هذا المشتري لا يستلم أي عنصر من العناصر المعنوية للمحل الذي اشتراه سوى الاسم التجاري وهذا ما يؤثر سلبا على هذا النوع من البيوع ، وقد تصبح في أغلبها بدون جدوى .



الفرع الرابع : أثر التعديلات الجديدة على عقد البيع من حيث ضمان البائع العيوب الخفية :

بناءا على قواعد الشريعة العامة في القانون المدني فإن البائع يضمن العيوب الخفية في المحل التجاري المبيع كالعيب في الشهرة أو الإتصال بالعملاء ، كما لو ساءت سمعة المحل التجاري ، أو إنفض العملاء عنه ، كما يضمن العيب الخفي في أحد عناصر المحل التجاري [3].

ويضمن البائع العيوب الخفية التي تنقص من قيمة المحل أو تؤدي إلى إنقاص منفعته ، أما العيوب غير المؤثرة فقد جرى العرف على التسامح فيها ويكون العيب جسيما إذا لحق عنصرا لازما لاستغلال المحل التجاري مثل الرخص الإدارية أو شهادات براءات الاختراع إذا كانت لازمة لاستغلال المحل أو إذا لحق عقد الإيجار فسخ أو إبطال خصوصا عندما يكون موقع العقار له أهمية في كسب العملاء ، أو عندما ينتهى عقد الإيجار المبرم في ظل القانون 05-02 وكان المستأجر لا يعلم بذلك فللمشتري أن يطلب فسخ العقد ورد الثمن وكذلك التعويض عما لحقه من ضرر .

خاصة في هذه المرحلة الانتقالية التي يظن المشتري أن عقد الإيجار مبرم في ظل الأمر 75/59 ولا يراقب عقد الإيجار معتقدا أن له الحق في التجديد أو التعويض الإستحقاقي وهو ما يعتبر عيب في أحد عناصر المحل قبل إبرام عقد البيع تنقص من قيمة المحل لو علمه المشتري لما أتم البيع أصلا .

والجدير بالذكر إن البائع ملزم بضمان البيانات الواردة في عقد البيع و المنصوص عليه قانونا في المادة 79 من القانون التجاري و هو إمتداد لالتزام البائع بضمان العيوب الحفية و من بين أهم البيانات الإجبارية البيانات المتعلقة بالإيجار كما سبق بيانه فلو كان عقد الإيجار مبرم في ظل القانون 05 /02 و البائع أوهم المشتري أنه مبرم في ظل الأمر 75/59 فإنه يعتبر عيب ينقص من قيمة المحل التجاري لإنعدام حق الإيجار ،أو لتأثير هذا العيب على العناصر الأخرى خاصة عنصر الاتصال بالزبائن و الشهرة التجارية الأمر الذي قد يؤدي إلى تلاشي المحل التجاري كليه إذا طرد المشتري من العقار المستغل فيه المحل التجاري و كان هذا العقار له أهمية كبيرة بالنسبة لجلب العملاء و الحفاظ عليهم.

غير أنه و نظرا لاشتراط المشرع الرسمية في عقود الإيجار المبرمة في ظل القانون 05/02 فإن المشترى يفترض علمه بعقد الإيجار أو بإمكانه الإطلاع على عقد الإيجار الرسمي ببذل عناية الرجل العادي وذلك إما بالاتصال بالمؤجر أو بالموثق محرر العقد ومنه فإن علمه مفترض إلا إذا أثبت للقاضي أن البائع قد أخفى عليه عقد الإيجار و مدته وتاريخ إبرامه أو أن البائع أكد له أن عقد الإيجار ابرم قبل القانون 05/02 ؛ وانه له الحق في الإيجار، وهنا للمشترى الحق في طلب فسخ العقد أو التعويض عما أصابه من ضرر وما فاته من كسب من جراء طرده من المحل المؤجر وذلك حسب أهمية عنصر الحق في الإيجار بالنسبة للعناصر الأخرى وبالنسبة للمحل التجاري ككل ، و للقاضي سلطة تقدير ذلك و هذا مستوحى من نص المادة 80 من القانون التجاري التي تنص "...يكون البائع ملزما بضمان ما ينشأ عن بيانات غير صحيحة حسب الشروط المقررة في المادتين 379 , 376 من القانون المدني على الرغم من كل شرط مخالف في العقد...." .

و في حالة ما إذا كان المشترى يعلم بأن عقد الإيجار مبرم في ظل القانون 05/02 غير أنه أقدم على الشراء لأن البائع ضمن له أن المؤجر سوف يجدد له عقد الإيجار عند نهايته لكن المؤجر رفض التجديد عند نهاية العقد و طلب من المشترى أن يخلى المحل ، فهنا إ ذا كان ضمان البائع واردا في عقد البيع فإنه يعتبر شرط تعاقدي يجب أن ينفذه وإلا فللمشترى الحق أن يطالب بالتنفيذ بعد إنذاره طبقا للمادة 190 القانون المدني أو يطلب الفسخ أو التعويض حسب أهمية عنصر الإيجار بالنسبة للمحل التجاري ، ولا يعتبر من قبيل ضمان العيوب الخفية بل من قبيل تنفيذ الالتزامات التعاقدية ، أما إذا كان ضمان البائع بأن المؤجر سوف يجدد للمشترى غير وارد في عقد البيع و أدعى به المشتري أنه شفاهة فهنا لا يأخذ به القاضي لا كضمان لعيب خفي ولا كمخالفة للالتزام تعاقدي .



الفرع الخامس: أثر التعديلات الجديدة على عقد بيع المحل التجاري من حيث التزام البائع بعدم التعرض و عدم المنافسة:

انطلاقا من نص المادة 371 من القانون المدني التي تنص ً يضمن البائع عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع كله أو بعضه سواء كان التعرض من فعله أو من فعل الغير ....ًإن هذا النص ألزم بائع المحل التجاري بضمان حق الانتفاع الهادئ و الكامل للمشتري و ذلك بضمان عدم التعرض القانوني و المادي الصادر من البائع نفسه ، وكذا التعرض القانوني الصادر من الغير و الذي من شأنها المساس بحقوق المشتري على المحل التجاري المبيع أو بالضمانات الممنوحة له سواء على أحد عناصر المحل التجاري أو كل العناصر الواردة في عقد البيع .

ومن أهم صور عدم التعرض الشخصي للبائع هو عدم المنافسة [أو المنافسة غير المشروعة]غير أن الأمر75/59 لم يتضمن نص خاص يمنع بائع المحل التجاري من منافسة المشتري بفتح محل تجاري مماثل [4] وهو ما أدى بالمتعاقدين إلى إدراج بعض الشروط في عقد البيع لحماية المشتري و منها شرط عدم المنافسة أو ما يسمى أيضا بشرط عدم إنشاء تجارة مماثلة [5] إلا أن هذا لا يجب أن يكون مطــلقا وشــاملا لكل أنواع التجارة بل يجب أن يكون محددا من حيث الزمان والمكان و نوعية النشاط حتى لا يكون فيه مساس بالحقوق الدستورية للبائع التي منها حرية التجارة .

و في حالة إدراج شرط شامل و مطلق فقد اختلف الفقه في حكمه فهناك من يرى أن الشرط باطل و العقد صحيح و هناك من يرى أن مدة المنع من مزاولة تجارة مماثلة من طرف البائع لا تتجاوز العشر 10 سنوات و لا تزيد عن عشر 10 كيلو مترات تحيط بالمحل التجاري المبيع من جوانبه الأربع و أن يقتصر على نوع التجارة الممارسة في المحل المبيع [6].

و عليه فإنه يجب أن يكون شرط عدم المنافسـة مح ـــــــــ دد من حيــث الزمان والمكان و نوع النشاط في عقد البيع ، غير أنه توجد بعض الأنشطة المماثلة التي من شأنها أن تؤثر على نشاط المحل التجاري المبيع والتي إن دفع بها المشتري في دعوة المنافسة غير المشروعة أمام القاضي فلهذا الأخير سلطة تقديرية واسعة في قبول هذا الدفع أو رفضه بعد تكييف النشاط هل هو مماثل للنشاط السابق أم لا .

و شرط عدم المنافسة الذي هو من شروط الضمان فإنه من الحقوق الشخصية للمشتري و التي تنتقل إلى كل من تنتقل إليه ملكية المحل التجاري ، و هذا الشرط يفرض على البائع وخلفه الامتناع عن منافسة المشتري بأنفسهم أو عن طريق أسماء مستعارة و كذالك عن طريق المساهمة أو تأسيس شركة تمارس نفس النشاط .

و التعديلات الجديدة بموجب القانون 05/02 قد تطرح بعض الإشكالات على القضاء في مجال التزام البائع بعدم التعرض و شروط عدم المنافسة في حالة إنتهاء عقد الإيجار المبرم في ظل هذا القانون و رفض المؤجر تجديد العقد للمشتري فهنا تظهر بعض الفرضيات التي نوردها في ما يلي:

ـــ 1 ـــ إذا ما أعاد صاحب العقار فتح المحل التجاري بنفس النشاط السابق و استخدم فيه البائع أو أحد ورثته كعمال في المحل الجديد فهنا البائع ليس ملزما بشرط عدم المنافسة الوارد في عقد البيع لأنه ليس طرفا فيه كما أن البائع أو ورثته لم يمارسوا النشاط التجاري لحسابهم أو بأسمائهم بل مجرد عمال و هم بذلك قد احترموا الشرط التعاقدي، غير أنه بالنسبة للزبائن فإنه لم يتغير شيء في المحل التجاري المبيع ، فنفس الشخص الذي اعتادوا التعامل معه بنفس النشاط في نفس المكان ، الأمر الذي من دون شك سيخلق خلطا بين المحلين و يؤثر على المحل المبيع و يفقده زبائنه و يسبب خسارة كبيرة للمشتري الذي لا يستطيع أن يتأسس في دعواه لرفع هذه المنافسة على مخالفة الشرط التعاقدي ، بل عليه أن يتأسس على التزام البائع وورثته بعدم التعرض المادي طبقا لنص المادة 371 من القانون المدني ليطلب الفسخ أو التعويض حسب درجة الضرر الحاصل من ذلك.

ـــ 2 ــــ دائما في حالة مزاولة صاحب العقار أو تاجر آخر لنفس النشاط في المحل المخلى ووظف العمال الذين كانوا يعملون لدى التاجر بائع المحل التجاري فهنا أيضا بالنسبة للزبائن لم يتغير شيئ فنفس العمال الذين كانوا يتعاملون معهم بنفس النشاط وفي نفس المكان وسيبقون على اتصال بالمحل الجديد ، ويعزفون عن المحل الذي تم نقله غير أن المشتري هنا لا يستطيع الرجوع على البائع بشرط عدم المنافسة الوارد في العقد ولا بشرط الضمان طبقا للمادة 372 وما بعدها من القانون المدني لأن البائع لم تبقى له سلطة على العمال بعد أن باع المحل التجاري ، وإنما يستطيع أن يتابع صاحب المحل التجاري الجديد بدعوى المنافسة غير المشروعة وذلك بصورة إغراء العمال الذين يقوم عليهم المحل المبيع للعمل لديه و خلق خلط بين المحلين ، خاصة في بعض الأنشطة مثل المطاعم و محلات الخدمات التي تقوم أساسا على مجهود العامل و نوعية الخدمات و ذلك على أساس المادة 124 من القانون المدني المعدلة بموجب المادة 35 من القانون 05/10 والتي تنص "كل فعل أيا كان يرتكبه الشخص بخطئه ويسبب ضررا للغير يلتزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض......"هذا النص الذي يقتضي وجود خطأ و ضرر وعلاقة سببية غير أن هناك بعض الأحكام القضائية فضت بالمنافسة غير المشروعة رغم عدم وجود ضرر كما لو تمثل العمل الذي يقوم به التاجر المنافس في إحداث الخلط بين محله ومحل أخر مملوك لمنافسه [7] كما هو الحال في هذه الفرضيةَََ و هنا للقاضي أن يلزم صاحب المحل التجاري الجديد بإزالة العمل الذي تسبب في إحداث الخلط وله أن يقضي بالتعويض للمشتري إذا أثبت أنه أصابه ضرر من ذلك .

ــــ 3 ــــ غير أنه في حالة أن يفتح صاحب العقار أو يؤجر إلى تاجر آخر يستغل في نفس العقار محل تجاري يمارس نفس النشاط التجاري السابق من دون اعتداء على عنصر الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو عناصر الملكية الصناعية والأدبية ومن دون أن يشغل لديه بائع المحل أو ورثته أو عماله فإن تستبعد دعوى المنافسة غير المشروعة حتى ولو أصاب المشتري للمحل التجاري ضرر إلا إذا أثبت أن هناك خطأ منافي للأعراف والعادات التجارية إرتكبه صاحب العقار أو التاجر المِِِِؤجر ، لأن حرية التجارة هي حق دستوري ولا يمكن منع أي شخص من مزاولة أي نشاط تجاري سواء في عقاره أو في عقار يؤجره .

ملاحظة: إن الفرضيات السابقة وإن كانت قائمة في ظل الأمر 75/59 إلا أن التاجر الذي يشتري محل تجاري و يرفض المؤجر صاحب العقار أن يجدد له فإنه كان يتحصل مقابل ذلك على تعويض إستحقاقي يساوي القيمة التجارية للمحل التجاري زائد مصاريف النقل والتحويل ، المبلغ الذي يعوض به المشتري الخسارة التي لحقته من جراء فقده للمحل التجاري الذي إشتراه أو أحد عناصره المعنوية و يستطيع أن ينشأ محلا جديدا.